"العفو الدولية": حرية الصحافة تواجه موجة عالمية من القمع والترهيب
"العفو الدولية": حرية الصحافة تواجه موجة عالمية من القمع والترهيب
تتجه الأنظار في اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق 3 مايو، إلى التدهور المتسارع في حرية الإعلام في العديد من البلدان حول العالم، وسط موجة عالمية من القمع والترهيب تطال الصحفيين لمجرد قيامهم بعملهم.
وقالت منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، في بيان لها، اليوم السبت، إن حرية الصحافة لم تعد في مأمن في أي مكان، من غواتيمالا إلى الولايات المتحدة، ومن روسيا إلى باكستان، حيث توظف الحكومات قوانين مبهمة، ونظم قضائية تفتقر للاستقلالية، وقوة أمنية مفرطة لقمع الإعلام وتكميم الأفواه.
وقالت “أمنيستي” إن الهجمات ضد الصحافة لم تعد مجرد حوادث متفرقة، بل أصبحت عناصر رئيسية في استراتيجيات سياسية منظمة تهدف لتفكيك منظومة حقوق الإنسان.
ويمثل التراجع في حرية الإعلام مؤشرًا واضحًا على انزلاق الدول نحو الحكم الاستبدادي، ويهدد تماسك المجتمعات الديمقراطية.
ودعت "أمنيستي"، بمناسبة يوم حرية الصحافة، إلى تسليط الضوء على أوضاع الصحفيين الذين يتعرضون للملاحقة، والاعتقال، والتهديد، مؤكدة أن التوجهات الحالية تنذر بمستقبل قاتم لحرية التعبير عالميًا.
أهمية حرية الإعلام
أوضحت “أمنيستي” أن الإعلام الحر يشكل العمود الفقري لأي مجتمع ديمقراطي، حيث يُمكّن المواطنين من الاطلاع على المعلومات بحرية، ويتيح لهم محاسبة من في السلطة، وحذّرت من أن التهديدات التي تطال الصحفيين لا تمسهم وحدهم، بل تطال حقوق المجتمع بأسره.
وطالبت الحكومات بدعم الإعلام الحر بدلًا من قمعه، وتسهيل الوصول إلى المعلومات العامة، والتوقف عن شيطنة الإعلاميين أو فرض القيود على المحتوى والنشر.
وقالت إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهج منذ عودته للبيت الأبيض سياسة عدائية تجاه وسائل الإعلام، تضمنت منع تغطيات صحفية انتقائية في البيت الأبيض، والتحريض على فصل صحفيين بعينهم، وتقديم دعاوى قضائية ضد مؤسسات إعلامية لمجرد نشرها تقارير تنتقده.
واتهم ترامب وسائل الإعلام بنشر "أخبار زائفة"، وأوقف تمويل محطات إذاعية حكومية مثل "صوت أمريكا" و"راديو آسيا الحرة"، كما سخر من إمكانية سجن صحفيين.
وعلى صعيد آخر، ساهم انسحاب شركات التواصل الاجتماعي من برامج التحقق من المعلومات، مثل "ميتا" و"إكس"، في تسهيل انتشار الأخبار المضللة، ما زاد من تآكل ثقة الجمهور بالإعلام، بحسب المنظمة.
احتجاز وتعذيب الصحفيين
وقالت المنظمة إن حركة طالبان واصلت تضييقها على الصحفيين منذ عودتها للسلطة عام 2021، حيث أغلقت مؤسسات إعلامية، وقيّدت برامج سياسية، وفرضت قيودًا صارمة على الحوارات والنقاشات العامة.
ووثقت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) أكثر من 330 حالة احتجاز وتعذيب للصحفيين خلال الفترة من أغسطس 2021 حتى سبتمبر 2024، ما يجعل من أفغانستان إحدى أخطر الدول للعمل الصحفي، حيث تحظر السلطات تغطية الأخبار التي تنتقد سياساتها أو تتناول انتهاكاتها.
كما صعّدت الحكومات في روسيا وبيلاروس وجورجيا حملاتها ضد الإعلام المستقل، حيث وُصم صحفيون بأنهم "عملاء أجانب"، وتعرضوا للملاحقة والتشهير وحرمانهم من التمويل.
وفي روسيا، أغلقت السلطات معظم وسائل الإعلام المستقلة، وأجبرت العاملين فيها على اللجوء للعمل من الخارج.
وفي بيلاروس، يقبع أكثر من 40 صحفيًا في السجون، بينما تواجه صحفية مثل مزيا أماغلوبلي تهمًا جنائية بعد تغطيتها احتجاجات سلمية في جورجيا.
سجن وتعذيب لإسكات الصحافة
واجه الصحفيون في غواتيمالا ممارسات قمعية تضمنت محاكمات صورية واحتجازات تعسفية، ضمن سياسة ممنهجة تهدف لإسكات من يكشفون الفساد.
قضى الصحفي المخضرم خوسيه روبن زامورا أكثر من 1000 يوم في السجن بسبب تقاريره، ليصبح رمزًا لحملة القمع التي تستهدف الصحفيين المستقلين في البلاد، وأطلقت منظمات حقوق الإنسان حملات تضامن تحت شعار "لا للخوف، لا لتقييد حرية الرأي".
واستمرت السلطات الباكستانية في استخدام الاختفاء القسري كسلاح لقمع الصحفيين والنشطاء، لا سيما في إقليمي بلوشستان وخيبر بختونخوا، حيث يُقتل صحفيون بشكل متعمد ويختفون قسرًا في ظروف غامضة.
وسُجلت أكثر من 10,000 حالة إخفاء قسري منذ عام 2011، وسط عجز النظام القضائي عن محاسبة المسؤولين الأمنيين، واستمرار المضايقات لعائلات الضحايا.
ويُستغل قانون الجرائم الإلكترونية وتعديله لعام 2025 في ملاحقة الصحفيين المنتقدين للسلطة.
قوانين تخنق حرية التعبير
فرضت دول عدة في إفريقيا، مثل مدغشقر وتنزانيا، تشريعات جديدة تشجع على الرقابة الذاتية وتجرّم المحتوى الرقمي، ما يحدّ من قدرة الإعلام على العمل بحرية.
وأجبر الخوف من الانتقام الصحفيين في هذه الدول على الابتعاد عن تغطية مواضيع حساسة، في ظل غياب ضمانات قضائية تحميهم من الاعتقال أو الملاحقة.